الجمعة، 7 نوفمبر 2008

العالم العربي – الموارد الطّبيعيّة

المقدّمة : يوفّر المجال العربي موارد طبيعيّة متنوّعة منها سوائل المحروقات والموارد المنجميّة والمائية ولكنّها تتميّز بالتّركّز الجغرافي الشّديد وبضعف مساهمتها في التّنمية الإقتصادية والإجتماعيّة.

1) سوائل المحروقات: ثروة هائلة وتوّزع جغرافي متفاوت

‌أ- إحتياطي هائل وإنتاج ضخم

§ نحو ثلثي الإحتياطي العالمي من النّفط : بلغ حجم الإحتياطي المؤكّد من النّفط في الدّول العربيّة (في مطلع سنة 2007) 668,2 مليار برميل وهو ما يشكّل 57,6 % من الإحتياطي العالمي.

ويزيد حجم الإحتياطي العربي من النفط سنة تلو الأخرى (631,37 مليار برميل مطلع سنة 2000) ، رغم إرتفاع معدّلات الإنتاج، وذلك بفضل إستمرار عمليات التنقيب وما تسفر عنه من إكتشافات لحقول جديدة بلغ عددها 39 بئرا نفطية في سنة 2006 فقط (64 بئرا سنة 1998).

وتبلغ المدّة المقرّرة لإستهلاك هذا الإحتياطي العربي بـ 79,44 سنة إذا ما تواصل الإنتاج على نسقه في مطلع سنة 2007. ويرتفع طول عمر الإحتياطي إلى أكثر من 100 سنة في كلّ من العراق والكويت، بينما يقدّر عمر الإحتياطي العالمي بـ 40,5 سنة فحسب. وهكذا يبدو مستقبل العالم العربي واعدا في هذا المجال.

§ حوالي ثلث الإنتاج العالمي من السّوائل الهيدروكربونيّة : بلغ الإنتاج العربي من النّفط الخام (سنة 2006) 23,044 مليون برميل/ي أي 31,8 % من الإنتاج العالمي. وأنتج العالم العربي 3,460 مليون برميل/ي من سوائل الغاز الطّبيعي المصاحب للنفط وبذلك يكون إجمالي الإنتاج العربي من السّوائل الهيدروكربونيّة 26,504 م ب/ي أي 32,74 % من الإنتاج العالمي (سنة 2006).

§ ربع الإحتياطي العالمي من الغاز الطّبيعي : يصحب إحتياطي الغاز الطبيعي حقول النّفط في أغلب الأحيان (غاز مُصاحب للنّفط) كما يوجد أيضا في حقول مُستقلّة. وقد تضاعف الإحتياطي العربي من الغاز الطّبيعي ثلاث مرّات ونصف (3,54 مرّة) خلال العقدين الأخيرين (1986 – 2006) حيث قد قدّر في مطلع سنة 2007 بـ 53,433 ترليون م3 وذلك بفضل عمليات الإستكشاف والحفر المتواصلة. فقد تحقّق خلال سنة واحدة (2006) إكتشاف 49 بئرا غازية جديدة. ويمثّل هذا الإحتياطي العربي 29,4% من الإحتياطي العالمي في مطلع سنة 2007 مقابل 15,92% سنة 1983.

وتبلغ المدّة المقرّرة لإستهلاك هذا الإحتياطي العربي بـ 150,42 سنة إذا ما تواصل الإنتاج على نسقه خلال سنة 2006. ويرتفع طول عمر الإحتياطي إلى أكثر من 100 سنة في كلّ من قطر و الإمارات والعراق والكويت و 53,3 سنة في الجزائر، بينما يقدّر عمر الإحتياطي العالمي بـ 63,3 سنة فحسب.

§ إنتاج الغاز في تزايد مستمرّ : بلغ إنتاج الدّول العربيّة من الغاز الطّبيعي المسوّق (سنة 2006) 355,207 مليار م3 أي 12,5% من الإنتاج العالمي. ولا يشتمل الغاز المسوّق كميّات الغاز المحروق أو المُعاد حقنه في المكامن أو الفاقد.

وقد بلغت نسبة إستخدام الغاز الطّبيعي (الغاز المسوّق) لإجمالي الإنتاج العربي (في مطلع سنة 2004) 70,2 % (مقابل 30,7 % سنة 1973 ومتوسّط عالمي بـ 81 % سنة 2004) في حين يتمّ حقن معظم الغاز غير المسوّق في المكامن النّفطيّة (الغاز المحقون) لتحسين إنتاجيتها . فاليمن يعيد حقن % 98 من إجمالي الغاز المنتج عقب فصله عن النّفط وإستخلاص سوائل الغاز منه. وقد حرصت الأقطار العربيّة في السّنوات الأخيرة على خفض نسبة الغاز المستنفذ بالحرق من 50,5 سنة 1980 إلى 0,4 % في السعوديّة و % 24 في العراق (سنة 2001) .

‌ب- تركّز شديد لسوائل المحروقات بالجناح الآسيوي:

§ يتركّز الإحتياطي العربي من النّفط في إقليم الخليج بنسبة 90,41% .

وتستأثر المملكة العربيّة السعودية بالنّصيب الأكبر من الإحتياطيين العربي والعالمي، حيث قدّر في مطلع سنة 2007 بـ 264,25 مليار برميل أي 39,54 % من الإحتياطي العربي و21,87 % من الإحتياطي العالمي. وتليها العراق (115,0 مليار برميل) فالكويت (101,5 مليار برميل).

وتوفّر المملكة العربيّة السّعوديّة بمفردها 9,208 مليون برميل/ي أي 40,25 % من الإنتاج العربي و12,78 % من الإنتاج العالمي من النّفط (سنة 2006) ممّا يجعلها في مرتبة الصّدارة عالميّا، تليها الكويت (2,664 م ب/ي) فالإمارات (2,568 م ب/ي).

وباعتبار سوائل الغاز الطّبيعي، يرتفع إنتاج المملكة العربيّة السّعودية إلى 10,859 م ب/ي أي 13,1 % من الإنتاج العالمي (سنة 2006).

§ وقد تعزّزت مكانة إقليم الخليج الغازية منذ سنة 1983 حين تفوّقت مدّخرات قطر والسّعودية والإمارات، كلّ على حدة، على الإحتياطي الجزائري الذّي إستمرّ في الزّيادة. وتتبوّأ دولة قطر مرتبة الصّدارة عربيا بفضل مدّخراتها التّي قدّرت في مطلع سنة 2007 بـ 25,361 ترليون م3 أي 48,27 % من الإحتياطي العربي. وهي تحتل المرتبة الثالثة عالميّا (بعد روسيا الإتّحاديّة وإيران) بـ 14% من الإحتياطيات العالميّة من الغاز الطّبيعي.

ولكن لا تزال الجزائر أوّل منتج عربي للغاز الطّبيعي بـ84,467 مليار م3 من الغاز المسوّق (2006) أي 25,36 % من الإنتاج العربي و 2,9 % من الإنتاج العالمي، وتليها السعودية (73,7 مليار) وقطر (49,5) فالإمارات (47,4).

‌ج- عائدات مالية ضخمة ودور محدود في التّنمية الإقتصادية لسوائل المحروقات :

§ أهميّة ريع المحروقات في إقتصادات البلدان النفطيّة : بلغت عائدات الدّول العربيّة من صادرات المحروقات (سنة 2006) 424 مليار دولار[1] (بالأسعار الجاريّة) وهو أرفع مستوى من المداخيل منذ سنة 1980 حين بلغت 398,7 مليار دولار ؛ بينما لم تزد على 136 مليار دولار (سنة 2001).

وترتبط قيمة العائدات بمعدّلات النمّو الإقتصادي وبحجم الطّلب على المحروقات وبمستويات الأسعار. [راجع الوثائق] فقد ارتفعت أسعار النّفط الخام بنسبة 157,6 % بين سنتي 2002 و 2006.(UNCTAD)

وتنفرد المملكة العربيّة السّعوديّة بـ 40,42 % من قيمة صادرات المحروقات العربيّة (سنة 2006) حيث بلغت 171,422 مليار دولار مقابل 59,788 مليار دولار (سنة 2001)، تليها الإمارات (52,437 م.د) فالكويت (48,859 م د) سنة 2006.

وتعيد بعض هذه الدّول إستثمار عائداتها النّفطيّة (أو البترودولارات) في الأسواق الماليّة الدّوليّة فأصبحت بذلك رهينة الأوضاع الإقتصاديّة في البلدان الصّناعيّة المتقدّمة. فقد قدرت قيمة الاستثمارات العربية المباشرة في العالم بين سنتي 1996 و2005 بـ 27,004 مليار دولار وبلغت قيمة المقتنيات الاستثمارية العربية 37,635 مليار دولار (1996-2005) بينما قدّرت القيمة الإجمالية للإستثمارات السّعوديّة في الخارج بمفردها إلى غاية العام 2002 بين 500 و700 مليار دولار تستوطن غالبيتها في نسيج الإقتصاد الأمريكي[2].

ولكن هذه العائدات ساهمت في دفع الأنشطة الإقتصاديّة حيث أرست دعائم الصّناعة الحديثة (وخاصّة البيتروكيمياء والتعدين) وركّزت شبكة إتّصالات عصريّة وتدعّمت البنية الأساسيّة في قطاعي التّعليم والصحّة، وساهمت في تعبئة الموارد المائيّة وزيادة المحاصيل الفلاحيّة .

§ دور عائدات المحروقات في التحوّل الإجتماعي :أدّت العائدات الماليّة إلى تحوّلات جذريّة في مجتمعات الدوّل العربيّة النفطيّة، وتتجلّى بالخصوص في :

- إرتفاع مستوى العيش بفضل إعادة توزيع جزء من المداخيل النفطية في شكل أجور مرتفعة وخدمات مجانيّة. فقد بلغ متوسّط دخل الفرد من الصّادرات النفطيّة سنة 2006 في قطر 21219 دولارا وفي الكويت 17136 دولارا وفي الإمارات 11970 دولارا ، مقابل 17,58 دولارا فقط في مصر.

- إرتفاع نسب التحضّر

- إنفتاح هذه المجتمعات على النمط الإستهلاكي الغربي

- توافد اليد العاملة الأجنبيّة

- تنميّة إجتماعيّة واضحة المعالم في جلّ القطاعات ( الصحّة ، التعليم ، السّكن ... ).

§ حدود أثر الثّورة النفطيّة: لم تساهم العائدات النّفطية في تحقيق التّنمية الشّاملة ويتجلّى ذلك من خلال:

- إرتباط عدّة أنشطة باليد العاملة الأجنبيّة رغم حملات الطّرد الأخيرة.

- تراجع الأنشطة الحرفيّة بسبب هيمنة الصّناعات الحديثة القائمة على تحويل المحروقات .

- إرتباط التوطين الصناعي بالمحروقات حيث أقيمت مدن صناعية ونفطية ومؤانئ تصدير للغرض .

- توظيف جزء هام من العائدات النفطيّة في تمويل الواردات من المواد الغذائية والصّناعيّة .

§ تأثّر العائدات بتقلّب أسعار المحروقات: بلغ السّعر الإسمي لسلّة نفوط أوبك المعياريّ (سنة 2006) 61 دولار للبرميل الواحد (50,9$ بالسّعر الحقيقي لسنة 1995) مقارنة بـ23,1 دولار سنة 2001 (21,1$ بالسعر الحقيقي). وخلال شهر سبتمبر 2007 بلغ متوسّط السعر الاسمي لسلّة نفوط أوبك 74,18 دولار (OPEC) [79,69$ لخام تكساس]. وتتصّف السّوق العالميّة للمحروقات بالتّذبذب الكبير. فقد إرتفع السّعر الإسمي لسلّة نفوط أوبك المعياريّة بحوالي 5 أضعاف بين 1970 و1974 (من 2,1 دولار للبرميل إلى 10,4 د/ب) بسبب الحظر النّفطي العربي على الدّول الغربية المساندة لإسرائيل في حربها ضدّ العرب في 1973 . وبلغ الذّروة سنة 1980 حين بلغ 36 دولار للبرميل (67 دولار بالسعر الحقيقي) عقب الثورة الإسلامية في إيران وتوقّف إمداداتها ثمّ إندلاع الحرب مع العراق ثمّ إنخفضت إلى أدنى مستوياتها عامي 1986 (13 د/ب) (17,3 د/ب بالسعر الحقيقي) بسبب الأزمة الإقتصادية العالمية وإنخفاض الطّلب العالمي على النفط و1998 (12,3 د/ب) (11,7 د/ب بالسعر الحقيقي) بعد أن تشبّعت السوق النفطية بالإمدادات بسبب سياسة الإغراق وعدم إلتزام الدّول الأعضاء في منظّمة الأقطار المصدّرة للنفط (أوبك) بحصصها الإنتاجيّة في ظلّ بروز منافسين جدد بعد الإرتفاع الذّي شهدته الأسعار سنتي 1996 و1997.

2) موارد منجميّة متواضعة باستثناء الفسفاط

‌أ- انتاج هامّ للفسفاط: يحتضن العالم العربي 38,33 % من المدّخرات العالميّة المؤكّدة من صخور الفسفاط (سنة 2006). ويوجد هذا الإحتياطي المؤكّد في المغرب والصّحراء الغربيّة (5,7 مليار طن - المرتبة الثانية في العالم بعد الصّين) وفي السّعودية (1,6 مليار طن) وفي الأردن (900 مليون طن) ثمّ على التّوالي في سورية ومصر وتونس (100 مليون طن لكلّ منها) فالعراق والجزائر [اسرائيل: 180 مليون طن]. ويساهم العالم العربي بحوالي 2 الانتاج العالمي (32,02%) من خام الفسفاط بـ46,440 مليون طنّ (2006). ويتمّ هذا الإنتاج في المغرب والصّحراء الغربيّة (25,3 مليون طن سنة 2006) وتونس (7,813 مليون طن) والأردن (6,4 مليون طن) ثمّ سورية ومصر والجزائر.

ويساهم العالم العربي بنحو 65,6 % من الصّادرات العالميّة من الفسفاط بنحو 19,148 مليون طن (2003). ويتصدّر المغرب قائمة المصدّرين بنحو 45,03% يليه الأردن (10,97 %) فتونس بـ7,39% من الصّادرات العالميّة (سنة 2006).

‌ب- تركّز انتاج الموارد المنجمية بالجناح الإفريقي: يظلّ إنتاج بقية الموارد المنجميّة الفلزية متواضعا. فرغم أهميّة مدخّرات العالم العربي من الحديد (12,4 مليار طن سنة 2005) أي 7,75 % من الاحتياطي العالمي وخاصّة في ليبيا (3,1 مليار طن) والسّعودية (2,6 مليار طن) والسّودان (2,34 مليار طن) وفي موريتانيا (2,29 مليار طن)؛ فإنّ الإنتاج العربي لا يزيد على 15,284 مليون طن (سنة 2005) أي 0,98 % من الانتاج العالمي وخاصّة في موريتانيا (10,7 مليون طن) ومصر (2,5 مليون طن) فالجزائر (1,878 مليون طن).

ويتوفّر النحاس خاصّة في المغرب (89,69 % من الإنتاج العربي سنة 2005) والجزائر والسعودية، والذّهب في السّودان (37 طن من المدّخرات 45.405 كغ من إنتاج الذهب الخالص سنة 2005) والسّعوديّة (7.456 كغ) والمغرب (1.500 كغ) وفي الجزائر (641 كغ) وعُمان (600 كغ) ومؤخّرا في اليمن (بمدخرات صخرية تقدر بـ16 مليون طن مؤكّدة و40 مليون طن محتملة بنقاوة 1,6غرام/طن)، ويتوفّر الزّنك في المغرب (68,52 % من الإنتاج العربي سنة 2005) وتونس والجزائر والسّعودية، والرّصاص بالمغرب (69,78 % من الإنتاج العربي سنة 2005) وعُمان والسعودية وتونس.

ولازالت مساحات هامّة من العالم العربي لم يقع استكشافها منجميّا، وتقدّر هذه النّسبة بـ80% في الأراضي المغربيّة وخاصّة في جبال الأطلس التّي تحتوي على ثروات هامّة من الذّهب والفضّة والكوبالت وفق المسوحات الأوليّة.

لكنّ استغلال هذه الثروات المنجمية يستوجب توظيف استثمارات هامّة لم يحض بها هذا القطاع على غرار قطاع المحروقات الذّي حُظي بالأولوية المطلقة خاصة في السعودية وليبيا.

‌ج- ضعف الدّور التّنموي للموارد المنجميّة: تراجعت مساهمة الصّناعة الاستخراجية في الاقتصاد العربي عمّا كانت عليه بلغ ناتج الصّناعة الاستخراجيّة العربيّة (سنة 2005) حوالي 414,414 مليار دولار أي 38,8 % من النّاتج المحلّي الاجمالي العربي. وتتفاوت هذه النّسبة من قطر عربي إلى آخر، حيث ترتفع في الدّول المصدّرة للنّفط (81,7 % في العراق) بينما تنخفض في بقيّة الدّول (1,6% في المغرب و0,5 % في جيبوتي و0 % في لبنان).

وتتأثّر مساهمة القطاع الاستخراجي بتذبذب أسعار المنتوجات الطاقية والمنجميّة ونسبة مساهمتها في الصادرات العربية. فبعد أن سجّلت الأسعار الدّولية للمواد المنجمية هبوطا حادّا بين 1997 و 2003 ولا سيما خام الفسفاط (منذ سنة 2000) حيث تراجع بـ5,9% سنة 2003 فقط ؛ فقد انتعشت الأسعار منذ سنة 2003 حيث ارتفعت بنسية 219,9 % بين 2002 و 2006 ولكن بشكل متفاوت (9,5% للفسفاط و 160 % للحديد الخام و331,1 % للنحاس).

ولئن ظلّ القطاع الاستخراجي العربي عاجزا عن دفع حركة التّصنيع إجمالا؛ فقد ساهمت بعض الموارد مثل الفسفاط في خلق صناعة عربية متواضعة للأسمدة ولكنّها لا تظاهي صناعة تكرير النّفط والصّناعات البتروكيمائية في العالم العربي.

3) الموارد المائية في العالم العربي:

‌أ- الموارد المائية المُتاحة: تعتبر الدول العربية من أكثر مناطق العالم فقرا للموارد المائية حيث لاتزيد الموارد العربية المتجدّدة على 1 % من المياه المتجدّدة على المستوى العالمي. ويقدّر مجموع الموارد المتاحة في العالم العربي بحوالي 338 مليار م3 وتنقسم إلى صنفين: موارد تقليدية (موارد مائيّة سطحيّة وأخرى جوفيّة) وموارد غير تقليدية.

§ موارد مائية سطحيّة في أغلبها خارجيّة: تقدّر الموارد الموارد المائية السطحية المتجدّدة بحوالي 296 مليار متر مكعّب. ويأتي أكثر من 2/3 هذه الموارد المائية السّطحيّة من خارج الدّول العربيّة عبر الأنهار الدّخيلة وهي نهر النّيل ونهري دجلة والفرات ونهري شبلي وجوبا ونهر السّنغال. وهي تكوّن 54% من المياه السطحية المستخدمة في الدّول العربيّة. أمّا الأنهار المحليّة التّي تنبع داخل العالم العربي فلا نجده إلاّ في المناطق المطيرة وخاصّة في إقليم الشّام حيث الأنهار أقصر ولكنّها أغزر وأكثر إنتظاما من سواها. وتتوزّع هذه الموارد كالآتي:

% 38,5 في الإقليم الأوسط (إقليمي وادي النّيل والقرن الإفريقي).

%37في المشرق العربي (إقليم الهلال الخصيب : الشّام والعراق).

% 19,7 في إقليم المغرب العربي.

% 4,8 في شبه الجزيرة العربيّة (إقليم الخليج ناقص العراق).

وتشكّل الأمطار السنوية أهمّ مصدر للمياه السطحيّة المتجدّدة. ويقدّر الوارد المطري السنوي في الدّول العربيّة بحوالي 2,285 مليار متر3.

ويبلغ متوسط نصيب وحدة المساحة من المياه السطحية الجارية في المنطقة العربية حوالي 0,66 لتر / ثانية / كم2 مقابل 9,5 لتر/ ثانية /كم2 على المستوى العالمي.

§ موارد مائية جوفية ضخمة ولكن أغلبها غير متجدّدة: يتميّز التكوين الجيولوجي للعالم العربي بوجود طبقات رسوبيّة سميكة مساميّة وكتيمة تساعد كثيرا على وجود طبقات مائيّة جوفيّة ضخمة بعضها متجدّد (على سواحل البحر المتوسط الشرقية والجنوبية وفي مجاري الأنهار والأودية والسيول)، وبعضها الآخر غير متجدّد (اقليمي الصحراء الكبرى وشبه الجزيرة العربية).

ويقدّر الحجم الكلّي لمخزون الأحواض المائيّة الجوفية في المنطقة العربيّة بحوالي 7,734 مليار م3 ، في حين أنّ التغذيّة السّنويّة لهذه الأحواض تقدّر بحوالي 42 مليار م3/س ، والمتاح منها لا يتعدّى 35 مليار م3/س. ويتجمّع أكثر من 1 هذه الموارد في إقليم المغرب العربي وأكثر من الخُمُسين (2/5) في الإقليم الأوسط (وادي النّيل والقرن الإفريقي).

وتتوزّع هذه الموارد على أحواض مائيّة بعضها مشترك بين الدّول العربيّة ودول الجوار. ومن أهمّ هذه الأحواض:

- حوض الصّحراء الغربيّة (بين مصر وليبيا والسّودان) : ويقدّر حجم مخزونه ب 6000 مليار م3 ويتغذّى طبيعيّا بنحو 1500 مليون م3 في السّنة.

- حوض دلتا النّيل ( مصر ) : 3000 مليار م3 – 2600 مليون م3/س.

- العرق الغربي الكبير ( الجزائر ) 1500 مليار م3 - 400 مليون م3/س.

- العرق الشرقي الكبير ( بين تونس والجزائر ) : 1,7 مليار م3 - 600 مليون م3/س.

- حوض فزّان ( جنوب غرب ليبيا ) : 0,4 مليار م3 – 60 مليون م3/س.

- حوض تنزروفت ( الجزائر ) : 0,4 مليار م3 – 20 مليون م3/س.

§ الموارد المائية غير التقليدية: ويقدّر حجمها بنحو 10,6 مليار م 3 منها نحو 2,5 مليار م 3 من المياه المحلاة (منها 714 مليون م3/سنة بالسعودية تليها الامارات فالكويت)، وحوالي 8,1 مليار م 3 من مياه الصرف الصحي المعالجة والمستخدمة في الدول العربية للأغراض الزراعية.

‌ب- أشكال التّعبئة: بغرض تعبئة مواردها المائية السّطحيّة وإستغلالها في توفير مياه الشّرب والرّي وتوليد الكهرماء ؛ أقامت عدّة دول عربيّة شبكة من السّدود الكبرى والخزانات أهّلتها لبلوغ أرفع معدّلات تعبئة المياه المتجدّدة في العالم (84% مقابل متوسط عالمي لا يزيد على 10,2%). وحقّقت مصر (289,9%) و العراق (66,6%) أرفع نسب التعبئة بفضل:

· السدّ العالي بمصر : وهو من أهمّ السّدود في العالم . وإستمرّ تشييده أكثر من 10 سنوات ( 1960 – 1971 ) ويبلغ إرتفاعه 196 مترا ، وتبلغ سعة حوض التخزين 162 مليار متر مكعب .

· المنشآت المائية في العراق : وتتمثّل بالخصوص في : سدود الهندية ( شيّد سنة 1913 وجدّد سنة 1988 ) والرّمادي ( 1951 ) والفلوجة ( 1986 ) والقادسية ( 1988 ) وخزّان الحبانية على نهر الفرات ، وسدّ الكوت وخزّانات وادي الثرثار ( 45 مليار متر3) على نهر دجلة .

· السّدود في المغرب : وهي أكبر سدود المغرب العربي من بينها سدّ بين الويدان ( 3,5 مليار م3 ).

· التّجهيزات المائيّة في تونس : وتشتمل على 9172 منشأة بطاقة تعبئة إجماليّة قدرها 1,6 مليار متر3:

21 سدّا تخزينيا تبلغ طاقة تعبئتها 739 مليون م3/س.

203 سدّا جبليّا تبلغ طاقة تعبئتها 110 ملايين م3/س .

1000 بحيرة جبليّة بطاقة تعبئة إجماليّة قدرها 50 مليون م3/س .

ولكن رغم هذه المنجزات، لا تزيد نسبة إستغلال المياه السّطحيّة العربيّة على % 50 من الكميّات المتوفّرة بسبب تحكّم دول غير عربيّة ( مثل تركيا وأثيوبيا ) في منسوب الأنهار الدّخيلة وتعرّض مياه الأودية للتّلوّث ونقص الموارد الماليّة والمهارات الفنيّة. وتقدّر دراسة أمميّة أنّ تحسين كفاءة استخدام المياه بحدود 70% قد يُساهم في توفير نحو 28,4 مليار متر3 من مياه الريّ الزّراعي في السنة تكفي لريّ مساحات إضافيّة تتراوح بين 3 و 6 مليون هكتار.

ولا يزال إستغلال المياه الجوفيّة العربيّة محدودا جدّا (أقلّ من 1 %) بسبب ضعف نسبة الموارد المتجدّدة منها (0,5 %) ولإرتفاع حرارتها وملوحتها أحيانا فضلا عن الكلفة الماليّة الباهضة ، وذلك رغم إقامة عدّة مشاريع ضخمة من بينها :

· في ليبيا : النّهر الإصطناعي العظيم الذّي يغذّي طرابلس وبنغازي والمساحات المرويّة في الشّمال بمياه أحواض فزّان وتازربو والسّرير بطاقة تصميميّة تصل إلى 3,6 مليون م3 يوميّا.

· في تونس : حفر 2400 بئر عميقة استخرج بواسطتها 1,178 مليار م3 (2005) وهو ما يمثّل 83,72 % من الموارد المائيّة الجوفيّة التّونسيّة القابلة للإستغلال والمقدّرة بـ 1,498 مليار م3 (2004) منها 1,216 مليار م3 موارد متجدّدة.

وعموما تقدر الموارد المائية المستغلة بنحو 51 % من جملة الموارد المتاحة والقابلة للإستغلال. ويبلغ متوسط نصيب وحدة المساحة في الدول العربية من المياه الدّاخليّة المتجددة (الجريان السطحي والوارد السنوي للمياه الجوفية) حوالي 0,75 لتر / ثانية / كم2 مقابل 9,67 لتر / ثانية / كم2 على المستوى العالمي أي نحو 7,8%. ويستخدم منها حوالي 88,68 % في الزّراعة و 8 % في الإستعمالات المنزليّة و 5 % في الصّناعة.

‌ج- الموازنة المائية: وتتمثّل في مدى التّوافق بين الموارد المائية المُتاحة والطّلب على المياه.

وباعتبار جملة المصادر المائية المتجدّدة والمتاحة تصل نسبة سحب المياه في المنطقة العربيّة إلى105% مقابل متوسّط عالمي بـ 9,1 % (LGDB 2007). وتتفاوت هذه النسبة من قطر إلى آخر، حيث تتجاوز عتبة الضغط المائي (100%) في 10 أقطار وهي تتراوح بين 2.200% في الكويت و114,8% في الأردن، بينما هي دون مستوى الضغط في بقية البلدان (7 بلدان تتوفّر حولها بيانات احصائية) (FAO AQUASTAT 1998–2002).

ويقيس الخبراء توافر المياه على أساس كمية المياه العذبة المتجدّدة سنويا للفرد الواحد. وتعاني الأقطار "ضغطا مائيا" عندما تتراوح هذه الكمية بين 1000 م3 و 1700 م3. وفي الدّول التّي تعاني من "ندرة المياه" يبلغ هذا المقدار أقلّ من 1000 م3 وهو مستوى "خطّ الفقر المائي"

ويبلغ متوسّط نصيب الفرد السنوي من المياه العذبة المتجدّدة في العالم العربي 746 م3 مقابل 6.791 م3 على المستوى العالمي.(LGDB 2007)

ويقع 15 قطرا عربيا تحت "خطّ الفقر المائي" وأبرزها الكويت (8 م3/ف/س) والإمارات (51 م3/ف/س) وقطر (88 م3/ف/س) [تونس 472] بينما لا زالت بقية الأقطار تعاني من "الضغط المائي" باستثناء العراق (3.077 م3/ف/س).(WB 2007)

خاتمة: تتميّز الموارد الطبيعية بتفاوت توزّعها المجالي بين البلدان العربيّة. فبينما تتركّز سوائل المحروقات في الجناح الآسيوي؛ يوفّر الجناح الإفريقي الجزء الأكبر من الثروة المنجمية والموارد المائية المتجدّدة. لكنّ مساهمة هذه الموارد الطبيعية في التنمية تظلّ محدودة.

أهمّ الأنهار والأودية في العالم العربي

الإقليم

النّهر

الطّول ( كلم )

التّصريف ( مليون م3 )

المنبع

وادي النيــل

النيل

6825

84.000

الهضبة الأثيوبية والبحيرات الكبرى

الهلال الخصيب

دجلة

1718

48.700

جبال طوروس

الهلال الخصيب

الفرات

2940

28.000

جبال الأناضول

الهلال الخصيب

الأردن

320

8.000

جبل الشيخ

الهلال الخصيب

العاصي

571

2.000

سهل البقاع

المغرب العربي

أمّ الرّبيع

600

1.300

الأطلس

المغرب العربي

مجردة

380

1.000

الأطلس التلّي

الهلال الخصيب

العاصي

571

1.000

سهل البقاع

الهلال الخصيب

الليطاني

170

987

بحيرة القرعون

clip_image004

clip_image006

clip_image008

اضغط على الجداول لتكبير أحجامها


[1] ارتفاع احتياطيات المنطقة العربية المؤكدة من النفط الخام إلى 668 مليار برميل، البيان (دبي) 29/10/2007.

[2] حيدر البطاط ؛ هروب المال السعودي من أمريكا ، بي بي سي أون لاين 21/08/2002 19:54 ، http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/news/newsid_2208000/2208625.stm

ليست هناك تعليقات: